وقال:( بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) على أنه صفة, وإن شئت جعلت نصبه على المدح كأنه حين ذكره أقبل في مدحته, فقال:ذكرنا قرآنا عربيا بشيرا ونذيرا, وذكرناه قرآنا عربيا, وكان فيما مضى من ذكره دليل على ما أضمر. وقال بعض نحويّي الكوفة:نصب قرآنا على الفعل:أي فصلت آياته كذلك. قال:وقد يكون النصب فيه على القطع, لأن الكلام تامّ عند قوله "آيَاتُهُ". قال:ولو كان رفعا على أنه من نعت الكتاب كان صوابا, كما قال في موضع آخر:كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌوقال:وكذلك قوله:( بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) فيه ما في ( قُرْآنًا عَرَبِيًّا ).
وقوله:( لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) يقول:فصلت آيات هذا الكتاب قرآنا عربيا لقوم يعلمون اللسان العربي.
بشيرا لهم يبشرهم إن هم آمنوا به, وعملوا بما أنـزل فيه من حدود الله وفرائضه بالجنة,( وَنَذِيرًا ) يقول ومنذرا من كذب به ولم يعمل بما فيه بأمر الله في عاجل الدنيا, وخلود الأبد في نار جهنم في آجل الآخرة.
وقوله:( فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ ) يقول تعالى ذكره:فاستكبر عن الإصغاء له وتدبر ما فيه من حجج الله, وأعرض عنه أكثر هؤلاء القوم الذين أنـزل هذا القرآن بشيرا لهم ونذيرا, وهم قوم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم. يقول:فهم لا يصغون له فيسمعوه إعراضا عنه واستكبارا.