وقوله:( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) اختلف أهل التأويل في تأويله فقال بعضهم:معناه:لا يأتيه النكير من بين يديه ولا من خلفه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب, قال:ثنا ابن يمان, عن أشعث, عن جعفر, عن سعيد ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) قال:النكير من بين يديه ولا من خلفه.
وقال آخرون:معنى ذلك:لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقا, ولا يزيد فيه باطلا قالوا:والباطل هو الشيطان.
وقوله:( مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ) من قبل الحق ( وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) من قبل الباطل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) الباطل:إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا, ولا يزيد فيه باطلا.
وقال آخرون:معناه:إن الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئا من الحروف ولا ينقص, منه شيئا منها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين, قال:ثنا أحمد بن المفضل, قال:ثنا أسباط, عن السديّ ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) قال:الباطل:هو الشيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفا ولا ينقص.
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال:معناه:لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده, وتبديل شيء من معانيه عما هو به, وذلك هو الإتيان من بين يديه, ولا إلحاق ما ليس منه فيه, وذلك إتيانه من خلفه.
وقوله:( تَنـزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) يقول تعالى ذكره:هو تنـزيل من عند ذي حكمة بتدبير عباده, وصرفهم فيما فيه مصالحهم, ( حَمِيدٍ ) يقول:محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم.