وقوله:(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) يقول تعالى ذكره:وصديد أهل النار, وما يسيل منهم للمدعين لله شريكا العابدين الأوثان دونه الذين لا يؤتون الزكاة.
اختلف أهل التأويل في ذلك, فقال بعضهم:معناه:الذين لا يعطون الله الطاعة التي تطهرهم, وتزكي أبدانهم, ولا يوحدونه; وذلك قول يذكر عن ابن عباس.
* ذكر الرواية بذلك:
حدثني عليّ, قال:ثنا أبو صالح, قال:ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله:(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) قال:هم الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله.
حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم, قال:ثنا حفص, قال:ثنا الحكم بن أبان, عن عكرمة, قوله:( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ):الذين لا يقولون لا إله إلا الله.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:الذين لا يقرّون بزكاة أموالهم التي فرضها الله فيها, ولا يعطونها أهلها. وقد ذكرنا أيضا قائلي ذلك قبلُ.
وقد حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) قال:لا يقرّون بها ولا يؤمنون بها. وكان يقال:إن الزكاة قنطرة الإسلام, فمن قطعها نجا, ومن تخلف عنها هلك; وقد كان أهل الردّة بعد نبيّ الله قالوا:أما الصلاة فنصلِّي, وأما الزكاة فوالله لا تغصب أموالنا; قال:فقال أبو بكر:والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه; والله لو منعوني عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه.
حدثنا محمد, قال:ثنا أحمد, قال:ثنا أسباط, عن السديّ( وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) قال:لو زَكَّوا وهم مشركون لم ينفعهم.
والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا:معناه:لا يؤدّون زكاة أموالهم; وذلك أن ذلك هو الأشهر من معنى الزكاة, وأن في قوله:( وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) دليلا على أن ذلك كذلك, لأن الكفار الذين عنوا بهذه الآية كانوا لا يشهدون أن لا إله إلا الله, فلو كان قوله:( الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) مرادا به الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله لم يكن لقوله:( وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) معنى, لأنه معلوم أن من لا يشهد أن لا إله إلا الله لا يؤمن بالآخرة, وفي اتباع الله قوله:( وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) قوله ( الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) ما ينبئ عن أن الزكاة في هذا الموضع معنيّ بها زكاة الأموال.
وقوله:( وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) يقول:وهم بقيام الساعة, وبعث الله خلقه أحياء من قبورهم, من بعد بلائهم وفنائهم منكرون.