( الذين لا يؤتون الزكاة ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس:يعني:الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله . وكذا قال عكرمة .
وهذا كقوله تعالى:( قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) [ الشمس:9 ، 10] ، وكقوله:( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) [ الأعلى:14 ، 15] ، وقوله ( فقل هل لك إلى أن تزكى ) [ النازعات:18] والمراد بالزكاة هاهنا:طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة ، ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك . وزكاة المال إنما سميت زكاة لأنها تطهره من الحرام ، وتكون سببا لزيادته وبركته وكثرة نفعه ، وتوفيقا إلى استعماله في الطاعات .
وقال السدي:( وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ) أي:لا يدينون بالزكاة .
وقال معاوية بن قرة:ليس هم من أهل الزكاة .
وقال قتادة:يمنعون زكاة أموالهم .
وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين ، واختاره ابن جرير . وفيه نظر ; لأن إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة ، على ما ذكره غير واحد وهذه الآية مكية ، اللهم إلا أن يقال:لا يبعد أن يكون أصل الزكاة الصدقة كان مأمورا به في ابتداء البعثة ، كقوله تعالى:( وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام:141] ، فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بين أمرها بالمدينة ، ويكون هذا جمعا بين القولين ، كما أن أصل الصلاة كان واجبا قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة ، فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ، فرض الله على رسوله [ - صلى الله عليه وسلم -] الصلوات الخمس ، وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك ، شيئا فشيئا ، والله أعلم .