القول في تأويل قوله تعالى:أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)
يقول تعالى ذكره:أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون مواعظ الله التي يعظهم بها في آي القرآن الذي أنـزله على نبيه عليه الصلاة والسلام , ويتفكَّرون في حُججه التي بيَّنها لهم في تنـزيله فيعلموا بها خطأ ما هم عليه مقيمون ( أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) يقول:أم أقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنـزل الله في كتابه من المواعظ والعِبَر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) إذا والله يجدون في القرآن زاجرا عن معصية الله, لو تدبره القوم فعقلوه, ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك.
حدثنا إسماعيل بن حفص الأيلي, قال:ثنا الوليد بن مسلم, عن ثور بن يزيد, عن خالد بن مَعدان, قال:ما من آدميّ إلا وله أربع أعين:عينان في رأسه لدنياه, وما يصلحه من معيشته, وعينان في قلبه لدينه, وما وعد الله من الغيب, فإذا أراد الله بعبد خيرا أبصرت عيناه اللتان في قلبه, وإذا أراد الله به غير ذلك طَمسَ عليهما, فذلك قوله ( أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ).
حدثنا ابن حُمَيد, قال:ثنا يحيى بن واضح, قال:ثنا ثور بن يزيد, قال:ثنا خالد بن معدان, قال:ما من الناس أحد إلا وله أربع أعين, عينان في وجهه لمعيشته, وعينان في قلبه, وما من أحد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره, عاطف عنقه على عنقه, فاغر فاه إلى ثمرة قلبه, فإذا أراد الله بعبد خيرا أبصرت عيناه اللتان في قلبه ما وعد الله من الغيب, فعمل به, وهما غيب, فعمل بالغيب, وإذا أراد الله بعبد شرّا تركه, ثم قرأ ( أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ).
حدثنا ابن حُميد, قال:ثنا الحكم, قال:ثنا عمرو, عن ثور, عن خالد بن مَعدَان بنحوه, إلا أنه قال:ترك القلب على ما فيه.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, قال:ثنا حماد بن زيد, قال:ثنا هشام بن عروة, عن أبيه قال:"تلا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوما( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) فقال شاب من أهل اليمن:بل عليها أقفالها, حتى يكون الله عزّ وجلّ يفتحها أو يفرجها, فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي فاستعان به ".