القول في تأويل قوله:قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قل يا محمد:لا يعتدل الرديء والجيد, والصالح والطالح, والمطيع والعاصي (112) = ولو أعجبك كثرة الخبيث "، يقول:لا يعتدل العاصي والمطيع لله عند الله، ولو كثر أهل المعاصى فعجبت من كثرتهم, لأن أهل طاعة الله هم المفلحون الفائزون بثواب الله يوم القيامة وإن قلُّوا، دون أهل معصيته= وإن أهل معاصيه هم الأخسرون الخائبون وإن كثروا.
يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم:فلا تعجبنَّ من كثرة من يعصى الله فيُمْهِله ولا يعاجله بالعقوبة، فإن العقبَى الصالحة لأهل طاعة الله عنده دونهم، كما:-
12793 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط, عن السدي،"لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة "الخبيث "، قال:الخبيث، هم المشركون= و "الطيب "، هم المؤمنون.
* * *
وهذا الكلام وإن كان مخرجه مخرجَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فالمراد به بعض أتباعه, يدل على ذلك قوله:"فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون "
* * *
القول في تأويل قوله:فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:واتقوا الله بطاعته فيما أمركم ونهاكم, واحذروا أن يستحوذ عليكم الشيطان بإعجابكم كثرة الخبيث, فتصيروا منهم="يا أولي الألباب "، يعني بذلك أهلَ العقول والحِجَى, الذين عقلوا عن الله آياته, وعرفوا مواقع حججه. (113) ="لعلكم تفلحون "، يقول:اتقوا الله لتفلحوا، أي:كي تنجحوا في طلبكم ما عنده. (114)
----------------
الهوامش:
(112) انظر تفسير:"استوى"فيما سلف 9:85= وتفسير"الخبيث"فيما سلف 5:558 ، 559/7:424 ، 527= وتفسير"الطيب"فيما سلف 10:513 تعليق:3 ، والمراجع هناك.
(113) انظر تفسير"أولي الألباب"فيما سلف 3:383/ 4:162 /5:580 /6:211 وفي التعليق على المواضع السالفة خطأ ، يصحح من هنا.
(114) انظر تفسير"الفلاح"فيما سلف 10:564 تعليق:1 ، والمراجع هناك.