100- قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ... الآية .
والمعنى: أمر الله تعالى رسوله الأمين أن يبلغ أمته هذه القاعدة السليمة: لا يستوي في ميزان الله ولا في ميزان العقلاء الخبيث والطيب ،حتى ولو كان الفريق الخبيث كثير العدد براق الشكل تعجب الناظرين هيأته ،فلا تغتر به أيها العاقل ،ولا تؤثر في نفسك كثرته ،وسوطته ،فإنه مهما كثر وظهر وفشا ..فإنه سيئ العاقبة ،سريع الزوال ،لذته تعقبها الحسرة ،وشهوته تتلوها الندم .
أما الفريق الطيب أو الشيء الطيب فهو محمود العاقبة ،لذته الحلال ،يباركها الله ،وثماره الحسنة تؤيدها شريعته وطريقه المستقيم – مهما قل سالكوها – هي الطريق التي توصل إلى كل خير وفلاح .
ولا شك أن العقل عندما يتخلص من الهوى سيختار الطيب على الخبيث ،لأن في الطيب سعادة الدنيا والآخرة ،وما أحسن قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ( ما تمتع الأشرار بشيء إلا وتمتع به الأخيار ،وزادوا عليه رضى الله عز وجل ) .
فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون .أي إذا كان الطيب راجحا ومحمودا مهما قل ،والخبيث مرذولا ومرجوحا مهما كثر .
فراقبوا الله يا أصحاب العقول السليمة لعلكم بسبب هذه التقوى تدركون الفلاح والنجاح في دنياكم وآخرتكم .
قال الفخر الرازي:
لما ذكر الله سبحانه و تعالى هذه الترغيبات الكثيرة في الطاعة ،و التحذيرات من المعصية أتبعها بوجه آخر يؤكدها فقال: فاتقوا الله يا أولي الالباب لعلكم تفلحون أي فاتقوا الله بعد هذه البينات الجلية و التعريفات القوية ،و لا تقدموا على مخالفته لعلكم تصيرون فائزين بالمطالب الدنيوية و الدينية العاجلة و الآجلة .