القول في تأويل قوله تعالى:فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)
يعني تعالى ذكره بقوله:(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ):فبأيّ نِعَم ربكما معشر الجنّ والإنس من هذه النعم تكذّبان.
كما حدثنا ابن بشار، قال:ثنا عبد الرحمن، قال:ثنا سهل السراج، عن الحسن (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ):فبأيّ نعمة ربكما تكذّبان.
قال عبد الرحمن، قال:ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله:(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال:لا بأيتها يا ربّ.
حدثنا محمد بن عباد بن موسى وعمرو بن مالك النضري، قالا ثنا يحيى بن سليمان الطائفي، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر، قال:إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قرأ سورة الرحمن، أو قُرئت عنده، فقال "ما لِيَ أسْمَعُ الجنّ أحْسَنَ جَوَابا لِرَبِّها مِنْكُمْ ؟ "قالوا:ماذا يا رسول الله ؟ قال:"ما أتَيْتُ على قَوْلِ اللهِ:(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ؟ إلا قالت الجنّ:لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعْمَةِ رَبِّنا نُكَذّبُ ."
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول:فبأيّ نعمة الله تكذّبان.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) يقول للجنّ والإنس:بأيّ نِعم الله تكذّبان.
حدثنا ابن حُميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن الأعمش وغيره، عن مجاهد، عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال:لا بأيتها ربنا.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد في قوله:(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قال:الآلاء:القدرة، فبأيّ آلائه تكذّب خلقكم كذا وكذا، فبأيّ قُدرة الله تكذّبان أيها الثَّقَلان، الجنّ والإنس.
فإن قال:لنا قائل:وكيف قيل:( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) فخاطب اثنين، وإنما ذكر في أول الكلام واحد، وهو الإنسان؟ قيل:عاد بالخطاب في قوله:(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) إلى الإنسان والجانّ، ويدلّ على أن ذلك كذلك ما بعد هذا من الكلام، وهو قوله:( خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ). وقد قيل:إنما جعل الكلام خطابا لاثنين، وقد ابتدئ الخبر عن واحد، لما قد جرى من فعل العرب تفعل ذلك، وهو أن يخاطبوا الواحد بفعل الاثنين، فيقولون:خلياها يا غلام، وما أشبه ذلك، مما قد بيَّناه من كتابنا هذا في غير موضع.