القول في تأويل قوله:مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16)
قال أبو جعفر:اختلف القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة والبصرة:مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ ، بضم "الياء "وفتح "الراء ",بمعنى:من يُصرف عنه العذاب يومئذ .
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة:(مَنْ يَصْرِفْ عَنْهُ) ، بفتح "الياء "وكسر "الراء ",بمعنى:من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.
* * *
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي, قراءة من قرأه:(يَصْرِفْ عَنْهُ)، بفتح "الياء "وكسر "الراء ",لدلالة قوله:"فقد رحمه "على صحة ذلك, وأنّ القراءة فيه بتسمية فاعله. ولو كانت القراءة في قوله:"من يصرف "، على وجه ما لم يسمَّ فاعله, كان الوجه في قوله:"فقد رحمه "أن يقال:"فقد رُحِم "غير مسمى فاعله. وفي تسمية الفاعل في قوله:"فقد رحمه "، دليل بيِّن على أن ذلك كذلك في قوله:"من يَصرف عنه ".
* * *
وإذا كان ذلك هو الوجه الأولَى بالقراءة, فتأويل الكلام:منْ يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه ="وذلك هو الفوز المبين "، ويعني بقوله:"وذلك "، وصرفُ الله عنه العذاب يوم القيامة, ورحمته إياه ="الفوز "، أي:النجاة من الهلكة، والظفر بالطلبة (36) ="المبين "، يعني الذي بيَّن لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطَّلِبة. (37)
وبنحو الذي قلنا في قوله:"من يصرف عنه يومئذ "قال أهل التأويل:
* ذكر من قال ذلك:
13115 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة في قوله "من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه "، قال:من يصرف عنه العذاب .
------------------
الهوامش:
(36) انظر تفسير"الفوز"فيما سلف ص:245 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك.
(37) انظر تفسير"مبين"فيما سلف ص:265 ، تعليق 3 ، والمراجع هناك.