القول في تأويل قوله:فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
قال أبو جعفر:يعني تعالى ذكره بقوله:"فقطع دابر القوم الذين ظلموا "، فاستؤصل القوم الذين عَتَوا على ربهم، وكذّبوا رسله، وخالفوا أمره، عن آخرهم, فلم يترك منهم أحد إلا أهلك بغتةً إذ جاءهم عذاب الله.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
13242 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي:"فقطع دابر القوم الذين ظلموا "، يقول:قُطع أصل الذين ظلموا.
13243 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"فقطع دابر القوم الذين ظلموا "، قال:استؤصلوا.
* * *
و "دابر القوم "، الذي يدبرُهم, وهو الذي يكون في أدبارهم وآخرهم. يقال في الكلام:"قد دَبَر القومَ فلانٌ يدبُرُهم دَبْرًا ودبورًا "، إذا كان آخرهم, ومنه قول أمية:
فَــاُهْلِكُوا بِعَــذَابٍ حَـصَّ دَابِـرَهُمْ
فَمَـا اسْتَطَاعُوا لَهُ صَرْفًا وَلا انْتَصَرُوا (1)
* * *
="والحمد لله رب العالمين "، يقول:والثناء الكامل والشكر التام ="لله رب العالمين "، على إنعامه على رسله وأهل طاعته, (2) بإظهار حججهم على من خالفهم من أهل الكفر, وتحقيق عِدَاتِهم ما وَعدوهم على كفرهم بالله وتكذيبهم رسله (3) = من نقم الله وعاجل عذابه. (4)
----------------------
الهوامش:
(1) ديوانه:32 ، من أبيات يحكى فيها صفة الموقف في يوم الحشر. يقال:"حص الشعر"، إذا حلقه ، لم يبق منه شيئًا.
(2) انظر تفسير"الحمد"، و"رب العالمين"فيما سلف في سورة الفاتحة.
(3) في المطبوعة:"وتحقيق عدتهم ما وعدهم"، وفي المخطوطة:"عداتهم ما وعدوهم"، وصواب قراءة ذلك كله ما أثبته.
(4) السياق:". . . ما وعدوهم . . . من نقم الله وعاجل عذابه".