/م40
{ فقطع دابر القوم الذين ظلموا} أي فهلك أولئك القوم الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب الرسل والإصرار على الشرك وأعماله واستؤصلوا فلم يبق منهم أحد ، كنى عن ذلك بقطع دابرهم وهو آخر القوم الذي يكون في أدبارهم ، وقيل دابرهم أصلهم وهو مروي عن السدي من المفسرين والأصمعي من نقلة اللغة ، والأول أظهر ، والمعنى على القولين واحد ، ووضع المظهر الموصوف بالموصل موضع المضمر للإشعار بعلة الإهلاك وسببه وهو الظلم ، ولا بد من زهوق الباطل فظهور الحق .
{ والحمد لله رب العالمين ( 45 )} أي والثناء الحسن في ذلك الذي جرى من نصر الله تعالى لرسله بإظهار حججهم ، وتصديق نذرهم ، وإهلاك المشركين الظالمين وإراحة الأرض من شركهم وظلمهم ،- ثابت ومستحق لله رب العالمين المدبر لأمورهم ، المقيم لأمر اجتماعهم ، بحكمته البالغة ، وسننه العادلة .فهذه الجملة بيان للحق الواقع من كون الحمد والثناء على ذلك مستحق لله تعالى وحده ، وإرشاد لعباده المؤمنين ، يذكرهم بما يجب عليهم من حمده على نصر المرسلين المصلحين ، وقطع دابر الظالمين المفسدين ، وحمده في عاقبة كل أمر ، وخاتمة كل عمل ، كما قال في عباده المتقين{ وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} [ يونس:10] وسواء كان ذلك الأمر الذي تم من السراء أو الضراء ، فإن للمتقين في كل منهما عبرة وفائدة ، ونعمة ظاهرة أو باطنة .