القول في تأويل قوله:قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (63)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم:قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم، الداعين إلى عبادة أوثانهم:من الذين ينجيكم ="من ظلمات البر "، إذا ضللتم فيه فتحيَّرتم، فأظلم عليكم الهدى والمحجة = ومن ظلمات البحر إذا ركبتموه، فأخطأتم فيه المحجة، فأظلم عليكم فيه السبيل، فلا تهتدون له = غير الله الذي إليه مفزعكم حينئذ بالدعاء (24) ="تضرعًا "، منكم إليه واستكانة جهرًا (25) ="وخفية "، يقول:وإخفاء للدعاء أحيانًا, وإعلانًا وإظهارًا تقولون:لئن أنجيتنا من هذه يا رب (26) = أي من هذه الظلمات التي نحن فيها ="لنكونن من الشاكرين "، يقول:لنكونن ممن يوحدك بالشكر، ويخلص لك العبادة، دون من كنا نشركه معك في عبادتك.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
13342 - حدثني محمد بن سعيد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله:"قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعًا وخفية "، يقول:إذا أضل الرجل الطريق، دعا الله:"لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ". (27)
13343 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله:"قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر "، يقول:من كرْب البر والبحر.
-----------------
الهوامش:
(24) في المطبوعة:"الذي مفزعكم"، والصواب من المخطوطة.
(25) انظر تفسير"التضرع"فيما سلف ص:355.
(26) في المطبوعة والمخطوطة ، كان نص الآية{لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذِهِ} وهي قراءة باقي السبعة ، وقراءتنا المثبتة في مصحفنا هي قراءة الكوفيين. وقد جرى أبو جعفر في تفسيره على قراءة عامة الناس ، ولم يشر إلى قراءتنا ، وجرى على ذلك في تفسيره الآية. وقال القرطبي:قرأ الكوفيون"لئن أنجانا"، واتساق المعنى بالتاء ، كما قرأ أهل المدينة والشام.
وانظر معاني القرآن للفراء 1:338. وظني أن أبا جعفر قد اختصر التفسير في هذا الموضع اختصارًا شديدًا ، فترك كثيرًا كان يظن به أن يقوله.
(27) تركت الخبر على قراءة الناس لا قراءتنا في مصحفنا.