وقوله:(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولا )
يقول تعالى ذكره:الله الذي جعل لكم الأرض ذَلُولا سَهْلا سَهَّلها لكم (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ).
اختلف أهل العلم في معنى (مَنَاكِبِهَا ) فقال بعضهم:مناكبها:جبالها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:(فِي مَنَاكِبِهَا ) يقول:جبالها.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا عبد الأعلى، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، عن بشير بن كعب أنه قرأ هذه الآية (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) فقال لجارية له:إن دَريْت ما مناكبها، فأنت حرة لوجه الله ؛ قالت:فإن مناكبها:جبالها، فكأنما سُفِع في وجهه، ورغب في جاريته، فسأل، منهم من أمره، ومنهم من نهاه، فسأل أبا الدرداء، فقال:الخير في طمأنينة، والشرّ في ريبة، فَذرْ ما يريبك إلى ما لا يريبك.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا معاذ بن هشام، قال:ثني أبي، عن قتادة، عن بشير بن كعب، بمثله سواء.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ):جبالها.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:(فِي مَنَاكِبِهَا ) قال:في جبالها.
وقال آخرون:(مَنَاكِبِهَا ):أطرافها ونواحيها.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) يقول:امشوا في أطرافها.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال:ثنا ابن علية، عن سعيد، عن قتادة، أن بشير بن كعب العدويّ، قرأ هذه الآية (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) فقال لجاريته:إن أخبرتني ما مناكبها، فأنت حرّة، فقالت:نواحيها ؛ فأراد أن يتزوّجها، فسأل أبا الدرداء، فقال:إن الخير في طمأنينة، وإن الشرّ في ريبة، فدع ما يَريبك إلى ما لا يريبك.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:(فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا ) قال:طرقها وفجاجها.
وأولى القولين عندي بالصواب قول من قال:معنى ذلك:فامشوا في نواحيها وجوانبها، وذلك أن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.
وقوله:(وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ) يقول:وكلوا من رزق الله الذي أخرجه لكم من مناكب الأرض، (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) يقول تعالى ذكره:وإلى الله نشركم من قبوركم.
القول في تأويل قوله تعالى:أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)