قوله:( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:إن لك يا محمد في النهار فراغا طويلا تتسع به، وتتقلَّب فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( سَبْحًا طَوِيلا ) فراغا طويلا يعني النوم.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا مؤمل، قال:ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قوله:( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) قال:متاعا طويلا.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:( سَبْحًا طَوِيلا ) قال:فراغا طويلا.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله:( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) قال:لحوائجك، فافُرغ لدينك الليل، قالوا:وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة، ثم إن الله منّ على العباد فخفَّفها ووضعها، وقرأ:قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا... إلى آخر الآية، ثم قال:إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِحتى بلغ قوله:فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُالليل نصفه أو ثلثه، ثم جاء أمر أوسع وأفسح، وضع الفريضة عنه وعن أمته، فقال:وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول في قوله:( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ) فراغا طويلا. وكان يحيى بن يعمر يقرأ ذلك بالخاء.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا يحيى بن واضح، قال:ثنا عبد المؤمن، عن غالب الليثي، عن يحيى بن يعمر "من جذيلة قيس "أنه كان يقرأ ( سَبْخًا طَوِيلا ) قال:وهو النوم.
قال أبو جعفر:والتسبيخ:توسيع القطن والصوف وتنفيشه، يقال للمرأة:سبخي قطنك:أي نفشيه ووسعيه؛ ومنه قول الأخطل:
فأرْسَــلُوهُنَّ يُـذْرِينَ الـتَرَابَ كَمَـا
يُـذْرِي سَـبائخَ قُطْـنٍ نَـدْفُ أوْتـارُ (2)
وإنما عني بقوله:( إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا ):إن لك في النهار سعة لقضاء حوائجك وقومك. والسبح والسبخ قريبا المعنى في هذا الموضع.
------------------------
الهوامش:
(2) البيت للأخطل يذكر الكلاب (اللسان:سبخ) قال:التسبيخ:التخفيف.ويقال:"اللهم سبخ عني الحمى"أي:خففها وسهلها، ولهذا قيل لقطع القطن إذا ندف:سبائخ، ومنه قول الأخطل يذكر الكلاب:"فأرسلوهن.."البيت. وقال الفراء في معاني القرآن (الورقة 346) وقوله:( إن لك في النهار سبحا طويلا ) يقول:لك في النهار ما تقضي حوائجك. وقد قرأ بعضهم:سبخا، بالخاء، والتسبيخ:توسعة الصوف والقطن وما أشبهه، يقال:سبخي قطنك. قال أبو العباس (ثعلب):سمعت أبا عبد الله (ابن الأعرابي) يقول:حضر أبو زياد الكلابي مجلس الفراء في هذا اليوم، فسأله الفراء عن هذا الحرف، فقال:أهل باديتنا يقولون:اللهم سبخ عنه للمريض والملسوع ونحوه.