القول في تأويل قوله تعالى:يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10)
يقول تعالى ذكره:يقول هؤلاء المكذّبون بالبعث من مشركي قريش إذا قيل لهم:إنكم مبعوثون من بعد الموت:أئنا لمردودون إلى حالنا الأولى قبل الممات، فراجعون أحياء كما كنا قبل هلاكنا، وقبل مماتنا، وهو من قولهم:رجع فلان على حافرته:إذا رجع من حيث جاء؛ ومنه قول الشاعر:
أحــافِرَةً عَــلى صَلَــعٍ وشَـيْبٍ
مَعــاذَ اللــهِ مِــنْ سَـفَهٍ وطَيْشٍ (13)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثنا أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:الْحَافِرَةِيقول:الحياة .
حدثني محمد بن سعد، قال:ثني أبي، قال:ثني عمي، قال:ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله:أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِيقول:أئنا لنحيا بعد موتنا، ونبعث من مكاننا هذا.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة يقول:أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِأئنا لمبعوثون خلقا جديدا.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادةفِي الْحَافِرَةِقال:أي مردودون خَلقا جديدا .
حدثنا أبو كُرَيب، قال:ثنا وكيع، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس أو محمد بن كعب القُرَظيّأَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِقال:في الحياة .
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن السديّأَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِقال:في الحياة .
وقال آخرون:الحافرة:الأرض المحفورة التي حُفرت فيها قبورهم، فجعلوا ذلك نظير قوله:مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ. يعني مدفوق، وقالوا:الحافرة بمعنى المحفورة، ومعنى الكلام عندهم:أئنا لمردودون في قبورنا أمواتا.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:الْحَافِرَةِقال:الأرض:نبعث خلقا جديدا، قال:البعث .
حدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدأَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِقال:الأرض، نبعث خلقا جديدا .
وقال آخرون:الحافرة:النار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:سمعت ابن زيد يقول في قول الله:أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِقال:الحافرة:النار، وقرأ قول اللهتِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌقال:ما أكثر أسماءها، هي النار، وهي الجحيم، وهي سَقَرُ، وهي جهنم، وهي الهاوية، وهي الحافرة، وهي لَظَى، وهي الحُطَمة.
------------------
الهوامش:
(13) البيت في ( اللسان:حفر ) ولم ينسبه . والرواية فيه وفي تفسير الشوكاني ( 5:363 ) "من سفه وعار "قال:في اللسان:يقال:رجع على حافرته أي:الطريق الذي جاء منه . والحافرة الخلقة الأولى ، وفي التنزيل:{ أئنا لمردودون في الحافرة} أي:في أول أمرنا . وأنشد ابن الأعرابي:"أحافرة ... "البيت . يقول:أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي وأمري الأول ، من الغزل أو الصبا ، بعد ما شبت وصلعت . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن:{ أئنا لمردودون في الحافرة}:من حيث كنا ، يقال:رجع فلان في حافرته:من حيث جاء ، وعلى حافرته:من حيث كان . ا هـ .