هذا، وقوله- سبحانه- وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ... بيان لسنة الله- تعالى- في خلقه، من كونه- سبحانه- لا يضيع أجر الصابرين المحسنين أى:ومثل هذا التمكين العظيم. مكنا ليوسف في أرض مصر، بعد أن مكث في سجنها بضع سنين، لا لذنب اقترفه، وإنما لاستعصامه بأمر الله.
وقوله يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ تفصيل للتمكين الذي منحه الله- تعالى- ليوسف في أرض مصر، والتبوأ اتخاذ المكان للنزول به. يقال:بوأ فلان فلانا منزلا. أى مكنه منه وأنزله به أى:ومثل هذا التمكين العظيم، مكنا ليوسف في أرض مصر، حيث هيأنا له أن ينتقل في أماكنها ومنازلها حيث يشاء له التنقل، دون أن يمنعه مانع من الحلول في أى مكان فيها.
فالجملة الكريمة كناية عن قدرته على التصرف والتنقل في جميع أرض مصر، كما يتصرف ويتنقل الرجل في منزله الخاص.
وقوله:نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ ... بيان لكمال قدرته ونفاذ إرادته- سبحانه-أى:نصيب برحمتنا وفضلنا وعطائنا من نشاء عطاءه من عبادنا بمقتضى حكمتنا ومشيئتنا.
وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ الذين يتقنون أداء ما كلفهم الله بأدائه، بل نوفيهم أجورهم على إحسانهم في الدنيا قبل الآخرة إذا شئنا ذلك.