ثم واصلت السورة حديثها عن عباد الرحمن، فقال- تعالى-:وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً.
وأصل الزور:تحسين الشيء ووصفه بغير صفته، ووضعه في غير موضعه، مأخوذ من الزّور بمعنى الميل والانحراف عن الطريق المستقيم إلى غيره.
واللغو:هو ما لا خير فيه من الأقوال أو الأفعال.
أى:إن من صفات عباد الرحمن أنهم لا يرتكبون شهادة الزور، ولا يحضرون المجالس التي توجد فيها هذه الشهادة، لأنها من أمهات الكبائر التي حاربها الإسلام.
وفضلا عن ذلك فإنهم «إذا مروا باللغو» أى:بالمجالس التي فيها لغو من القول أو الفعل «مروا كراما» أى:أعرضوا عنها إكراما لأنفسهم، وصونا لكرامتهم، وحفاظا على دينهم ومروءتهم.
والتعبير بقوله- تعالى-:وَإِذا مَرُّوا ... فيه إشعار بأن مرورهم على تلك المجالس كان من باب المصادفة والاتفاق، لأنهم أكبر من أن يقصدوا حضورها قصدا.
وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-:وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ .