وهذه أيضا من صفات عباد الرحمن ، أنهم:( لا يشهدون الزور ) قيل:هو الشرك وعبادة الأصنام . وقيل:الكذب ، والفسق ، واللغو ، والباطل .
وقال محمد بن الحنفية:[ هو] اللهو والغناء .
وقال أبو العالية ، وطاوس ، ومحمد بن سيرين ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، وغيرهم:هي أعياد المشركين .
وقال عمرو بن قيس:هي مجالس السوء والخنا .
وقال مالك ، عن الزهري:[ شرب الخمر] لا يحضرونه ولا يرغبون فيه ، كما جاء في الحديث:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر ".
وقيل:المراد بقوله تعالى:( لا يشهدون الزور ) أي:شهادة الزور ، وهي الكذب متعمدا على غيره ، كما [ ثبت] في الصحيحين عن أبي بكرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر "ثلاثا ، قلنا:بلى ، يا رسول الله ، قال:"الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ". وكان متكئا فجلس ، فقال:"ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور [ ألا وقول الزور وشهادة الزور] . فما زال يكررها ، حتى قلنا:ليته سكت .
والأظهر من السياق أن المراد:لا يشهدون الزور ، أي:لا يحضرونه; ولهذا قال:( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) أي:لا يحضرون الزور ، وإذا اتفق مرورهم به مروا ، ولم يتدنسوا منه بشيء ; ولهذا قال:( مروا كراما ) .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو الحسين العجلي ، عن محمد بن مسلم ، أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، أن ابن مسعود مر بلهو معرضا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لقد أصبح ابن مسعود ، وأمسى كريما ".
وحدثنا الحسن بن محمد بن سلمة النحوي ، حدثنا حبان ، أنا عبد الله ، أنا محمد بن مسلم ، أخبرني ابن ميسرة قال:بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضا فلم يقف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريما ". ثم تلا إبراهيم بن ميسرة:( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) .