وقوله:( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) [ و] هذه من صفات المؤمنين ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ) [ الأنفال:2] ، بخلاف الكافر ، فإنه إذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ولا يقصر عما كان عليه ، بل يبقى مستمرا على كفره وطغيانه وجهله وضلاله ، كما قال تعالى:( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون . وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم ) [ التوبة:124 - 125] .
فقوله:( لم يخروا عليها صما وعميانا ) أي:بخلاف الكافر الذي ذكر بآيات ربه ، فاستمر على حاله ، كأن لم يسمعها أصم أعمى .
قال مجاهد:قوله:( لم يخروا عليها صما وعميانا ) لم يسمعوا:ولم يبصروا ، ولم يفقهوا شيئا .
وقال الحسن البصري:كم من رجل يقرؤها ويخر عليها أصم أعمى .
وقال قتادة:قوله تعالى:( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) يقول:لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه ، فهم - والله - قوم عقلوا عن الله وانتفعوا بما سمعوا من كتابه .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أسيد بن عاصم ، حدثنا عبد الله بن حمران ، حدثنا ابن عون قال:سألت الشعبي قلت:الرجل يرى القوم سجودا ولم يسمع ما سجدوا ، أيسجد معهم؟ قال:فتلا هذه الآية:( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) يعني:أنه لا يسجد معهم لأنه لم يتدبر آية السجدة فلا ينبغي للمؤمن أن يكون إمعة ، بل يكون على بصيرة من أمره ، ويقين واضح بين .