{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} أي لا يحضرون الباطل .يقال ( شهد كذا ) أي حضره .ف{ الزور} مفعول به بتقدير مضاف أي محالة .و{ يشهدون} من الشهادة .فالزور منصوب على المصدر أو بنزع الخافض أي شهادة الزور أو بالزور .وقد أشار الزمخشري للوجهين بقوله:يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين ،فلا يحضرونها ولا يقربونها .تنزها عن مخالطة الشر وأهله وصيانة لدينهم عما يثلمه .لأن مشاهدة الباطل شركة فيه .ولذلك قيل في النظارة إلى كل ما لم تسوغه الشريعة ( هم شركاء فاعليه في الإثم ) لأن حضورهم ونظرهم دليل الرضا به ،وسبب وجوده ،والزيادة فيه لأن الذي سلط على فعله هو استحسان النظارة ،ورغبتهم في النظر إليه .ويحتمل أنهم لا يشهدون شهادة الزور انتهى وهي الكذب متعمدا على غيره .
قال المبرد في ( الكامل ):ويروى عن ابن عباس في هذه الآية{ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قال:( أعياد المشركين ) .وقال ابن مسعود:الزور الغناء .فقيل لابن عباس:أو ما هذا في الشهادة بالزور ؟ فقال:لا ،إنما آية شهادة الزور{[5917]}:{ ولا تقف ما ليس لك به علم ،إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}{ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} أي اتفق مرورهم بأهل اللغو ،وهو كل ما ينبغي أن يلغى ويطرح ،مروا معرضين عنهم ،مكرمين أنفسهم عن الخوض معهم كقوله تعالى{[5918]}:{ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} ويدخل في ذلك الإغضاء عن الفواحش ،والصفح عن الذنوب ،والكناية عما يستهجن التصريح به وذلك لأن{ كراما} جمع كريم بمعنى مكرم لنفسه وغيره بالصفح ونحوه .