والخطاب في قوله- تعالى-:فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ.. للنبي صلّى الله عليه وسلّم ولكل من يصلح له من أمته. والفاء:لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
والمعنى:إذا كان الأمر كما ذكرت لكم، من أن بسط الأرزاق وقبضها بيدي وحدي، فأعط- أيها الرسول الكريم- ذا القربى حقه من المودة والصلة والإحسان، وليقتد بك في ذلك أصحابك وأتباعك.
وأعط- أيضا- الْمِسْكِينَ الذي لا يملك شيئا ذا قيمة، حقه من الصدقة والبر، وكذلك ابْنَ السَّبِيلِ وهو المسافر المنقطع عن ماله في سفره، ولو كان غنيا في بلده.
وقدم- سبحانه- الأقارب، لأن دفع حاجتهم واجب من الواجبات التي جعلها- سبحانه- للقريب على قريبه.
قال القرطبي:واختلف في هذه الآية، فقيل:إنها منسوخة بآية المواريث. وقيل:
لا نسخ، بل للقريب حق لازم في البر على كل حال، وهو الصحيح، قال مجاهد وقتادة:
صلة الرحم فرض من الله- عز وجل-، حتى قال مجاهد:لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة.
وقال الجمل في حاشيته:وعدم ذكر بقية الأصناف المستحقين للزكاة، يدل على أن ذلك في صدقة التطوع، وقد احتج أبو حنيفة- رحمه الله- بهذه الآية على وجوب نفقة المحارم، والشافعى- رحمه الله- قاس سائر الأقارب- ما عدا الفروع والأصول- على ابن العم، لأنه لا ولادة بينهم.
ثم قال:وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للإنسان مال زائد، لأن المقصود هنا:الشفقة العامة، والفقير داخل في المسكين..» .
ثم بين- سبحانه- الآثار الطيبة المترتبة على هذا البر والعطاء فقال:ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.