ثم بين- سبحانه- جانبا من مظاهر قدرته وعزته وحكمته فقال:خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ...
والعمد:جمع عماد. وهو ما تقام عليه القبة أو البيت. وجملة «ترونها» في محل نصب حال من السموات.
أى هو:- سبحانه- وحده، الذي رفع هذه السموات الهائلة في صنعها وفي ضخامتها، بغير مستند يسندها. وبغير أعمدة تعتمد عليها. وأنتم ترون ذلك بأعينكم بدون لبس أو خفاء. ولا شك أن خلقها على هذه الصورة من أكبر الأدلة على أن لهذا الكون خالقا مدبرا قادرا حكيما، هو المستحق للعبادة والطاعة.
وقوله- تعالى-:وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ بيان لنعمة ثانية مما أنعم به- سبحانه- على عباده.
والرواسي:جمع راسية. والمراد بها الجبال الشوامخ الثابتة.
أى:ومن رحمته بكم، وفضله عليكم، أن ألقى- سبحانه- في الأرض جبالا ثوابت كراهة أن تميد وتضطرب بكم، وأنتم عليها.
وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ أى:وأوجد ونشر في الأرض التي تعيشون فوقها، من كل دابة من الدواب التي لا غنى لكم عنها والتي فيها منفعتكم ومصلحتكم.
والبث:معناه:النشر والتفريق. يقال:بث القائد خيله إذا نشرها وفرقها.
ثم بين- سبحانه- نعمة ثالثة فقال:وَأَنْزَلْنا أى:بقدرتنا مِنَ السَّماءِ ماءً أى:ماء كثيرا هو المطر، فَأَنْبَتْنا فِيها أى:فأنبتنا في الأرض بسبب نزول المطر عليها. مِنْ كُلِّ زَوْجٍ أى:صنف كَرِيمٍ أى حسن جميل كثير المنافع.