وقوله- تعالى-:وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أى:ومن يتجه إلى الله- تعالى- ويذعن لأمره، ويخلص له العبادة، وهو محسن في أقواله وأفعاله.
من يفعل ذلك فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى والعروة في أصل معناها:تطلق على ما يتعلق بالشيء من عراه، أى من الجهة التي يجب تعليقه منها. وتجمع على عرا.
والعروة من الدلو مقبضه، ومن الثوب:مدخل زره.
والوثقى:تأنيث الأوثق، وهو الشيء المحكم الموثق. يقال:وثق- بالضم- وثاقه، أى:قوى وثبت فهو وثيق، أى:ثابت محكم.
والمعنى:ومن يستسلم لأمر الله- تعالى- ويأتى بالأقوال والأفعال على وجه حسن، فقد ثبت أمره، واستقام على الطريقة المثلى، وأمسك من الدين بأقوى سبب، وأحكم رباط.
فقد شبه- سبحانه- المتوكل عليه في جميع أموره، المحسن في أفعاله، بمن ترقى في حبل شاهق، وتدلى منه، فاستمسك بأوثق عروة، من حبل متين مأمون انقطاعه.
وخص- سبحانه- الوجه بالذكر، لأنه أكرم الأعضاء وأعظمها حرمة، فإذا خضع الوجه الذي هو أكرم الأعضاء، فغيره أكثر خضوعا.
وقوله:وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أى:وإلى الله- تعالى- وحده تصير الأمور، وترجع إليه، وتخضع لحكمه وإرادته.