قوله تعالى:{وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ( 22 ) وَمَن كَفَرَ فَلا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 23 ) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} .
خص الوجه ؛لأنه أشرف الأعضاء في الجسد من حيث الهيئة والصورة ،وفيه جماع الحواس .والمراد إسلام النفس كلها إلى الله بحسن التوجه إلى جنابه العظيم ،وتمام الخضوع والإذعان لجلاله الكريم ،والإقرار الكامل له بالإلهية ،والتجرد كليا من عبادة غيره من الأنداد والشركاء .
قوله:{وَهُوَ مُحْسِنٌ} مطيع لله فيما أمر ،ومُنته عما حذر منه أو زجر .
قوله:{فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} عروة الثوب ،أي مدخل زره ،وعروة القميص أو الكوز ومحوهما: مقبضه .وجمعها عرى{[3658]} وتستعار العروة لما يوثَق به ويُعول عليه .و{الوثقى} القوية الثابتة .والوثيق أي الثابت المحكم .والموثق والميثاق بمعنى العهد{[3659]} والمعنى: أنه استعصم وتمسك بالحبل المتين المأمون انقطاعه .أو لا يخشى من تمسك به أن ينقطع .
وذلك هو شأن المؤمن الذي أخلص النية لله وأسلم وجهه إليه مُخبتا ومذعنا له بالامتثال والاستسلام .لا جرم أنه بذلك مستعصم بما لا ينقطع البتة ؛لأنه رصين ومكين ومنيع .
قوله:{وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} إلى الله تصير الخلائق والأعمال يوم القيامة .