أولاً : التمهيد للسورة :
- • ما "المائدة" التي سميت بها السورة؟: الحواريون (أصحاب عيسى عليه السلام الخُلَّص) طلبوا من عيسى عليه السلام أن يدعو اللهَ أن ينزل عليهم مائدة من السماء، ليأكلوا منها وتزداد قلوبهم اطمئنانًا إلى أنه صادق فيما يبلغه عن ربه: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ (112-113)، فاستجاب عيسى عليه السلام لهم ودعا ربه، فوعده الله بها، وأخذ عليهم عهدًا وحذرهم من نقضه: أن من كفر بعد نزولها ولم يؤمن فسوف يعذبه عذابًا شديدًا: ﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ (115). وهذا توجيه وتحذير للمسلمين بأن عليهم الوفاء بالعهود والمواثيق، وإلا سيكون العذاب جزاؤهم كما في قصة المائدة. السورة تنادي: - التزموا بالعقود التي ألزمكم الله بها، وأحلّوا حلاله وحرّموا حرامه. - احذروا من التهاون بهذه العقود أو إضاعتها كما حصل من اليهود والنصارى.
- • هدف السورة واضح من أول نداء: لجاء في السورة: ﴿يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ﴾ أي أوفوا بعهودكم، لا تنقضوا العهود والمواثيق.
ثانيا : أسماء السورة :
- • الاسم التوقيفي :: «المائدة».
- • معنى الاسم :: المائدة: الخِوَانُ الموضوع عليه طعام، والعرب تقول للخُوان إذا كان عليه طعام: مائدة، فإذا لم يكن عليه طعام لم تقل له مائدة.
- • سبب التسمية :: لورود قصة المائدة بها.
- • أسماء أخرى اجتهادية :: «سورة العقود»؛ لافتتاحها بطلب الإيفاء بالعقود، و«المنقذة»، و«الأحبار».
ثالثا : علمتني السورة :
- • علمتني السورة :: الوفاء بالعقود مع الله، ومع الناس، ومع النفس: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ...﴾
- • علمتني السورة :: أن الأخلاق الفاضلة هي أثر للعقيدة الصحيحة والتشريعات الحكيمة.
- • علمتني السورة :: أن الإنسان غال عند ربه، من أجل ذلك شرع الله الشرائع التي تضبط حياته، وتصون حرمته ودمه وماله (سورة المائدة أكثر سورة ذكرًا لآيات الأحكام).
- • علمتني السورة :: أنه ينبغي على الدعاة أن يبدأوا مع الناس بما أبيح أولًا، ثمّ يبينوا المحرّمات بعد ذلك، لكي يكسبوا القلوب: ﴿يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلاْنْعَامِ﴾ (1)، فلم يبدأ ربنا بما قد حُرِّم لكي لا ينفروا، فكلمة ﴿أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ﴾ توحي بأن الخطاب بعدها شديد اللهجة، فتأتي مباشرة كلمة ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ﴾ وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة.