الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ : قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا } .
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ عِنْدَ قَوْلِنَا فِي آيَةِ : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } .
وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ : «كَانَ النَّبِيُّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ فَلَا يُجِيبُ ، حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ » ، وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { يَسْتَفْتُونَك قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ } . { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى } . { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } . { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْجِبَالِ } . هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَثِيرٌ .
قَالَ عُلَمَاؤُنَا : طَلَبْنَا مَا قَالَ مَالِكٌ فَوَجَدْنَاهُ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا : قَوْلُهُ : { يَسْأَلُونَك عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ } . { يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } . { وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ } . { وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى } . { وَيَسْتَفْتُونَك فِي النِّسَاءِ } . { يَسْأَلُك أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا } . { يَسْتَفْتُونَك قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ } . { يَسْأَلُونَك مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ } . { يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَةِ } . { يَسْأَلُك النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ } . { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ } . { وَيَسْأَلُونَك عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ } . { وَيَسْأَلُونَك عَنِ الْجِبَالِ } . { وَيَسْأَلُونَك عَنِ الْمَحِيضِ } .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى { وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنِ الْوِلْدَانِ } : الَّذِينَ لَا أَبَ لَهُمْ ، أَكَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمْرَهُمْ وَأَكَّدَ أَمْرَ الْيَتَامَى ، وَهُمُ الَّذِينَ لَا أَبًا لَهُمْ ؛ فَيُحْتَمَلُ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونُوا هُمْ ، أَكَّدَ أَمْرَهُمْ بِلَفْظٍ آخَرَ أَخَصَّ بِهِ مِنَ الضَّعْفِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمُسْتَضْعَفِينَ مَنْ كَانَ هُوَ وَأَبُوهُ ضَعِيفًا ، وَالْيَتِيمُ الْمُنْفَرِدُ بِالضَّعْفِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْمُسْتَضْعَفِينَ مَنْ رَمَاهُ أَهْلُهُ وَدَفَعَهُ أَبُوهُ عَنْ نَفْسِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ أَمْرِهِ .