الآية الأخيرة من هذه الآيات ،تهدّد تلك المجموعة المتمردّة بكلمات بليغة مؤثّرة فتقول: ( وكذب الذين من قبلهم ) في حين أنّ هؤلاء لم يبلغوا في القوّة والقدرة عشر ما كان لاُولئك الأقوام ( وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذّبوا رسلي فكيف كان نكير ) .
فمدنهم المدمّرة بضربات العقوبة الإلهية الساحقة ليست ببعيدة عنكم ..فهي في الشام القريب منكم ،فليكونوا لكم مرآةً للعبرة ،واستمعوا إلى النصائح التي يقولها الدمار ،وقارنوا مصيركم بمصيرهم ،فلا السنّة الإلهيّة قابلة للتغيير ولا أنتم أقوى منهم !.
«معشار »: بمعنى واحد إلى عشرة .البعض اعتبرها «عُشر العُشر » أيّ واحد إلى مائة ،ولكن أكثر كتب اللغة والتفاسير ذكرت المعنى الأوّل .وإن كان مثل تلك الأعداد لا يقصد بها التعداد ،وتستخدم للتقليل في مقابل سبعة وسبعين وألف وأمثالها التي تستخدم للتكثير ،وبذا يكون المعنى المقصود من الآية ،إنّنا دمّرنا عصاة أقوياء لا يمتلك هؤلاء إلاّ جزءاً صغيراً من قدرتهم .
وقد ورد نظير هذا المعنى في آيات كثيرة من آيات القرآن الكريم ،من جملتها ما ورد في الآية ( 6 ) من سورة الأنعام ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكّناهم في الأرض ما لم نمكّن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين ) .وكذا ورد نظير هذا المعنى في الآيات 21المؤمن ،9الروم .
لفظة «نكير » من مادّة «نكر » والإنكار ضدّ العرفان ،والمقصود أنّ إنكار الله هو تلك المجازاة والعذاب الصادر عنه تعالى{[3520]} .