التّفسير
الحوار بين القادة والأتباع الضالّين:
الآيات السابقة استعرضت كيفية سوق ملائكة العذاب للظالمين ومن يعتقد اعتقادهم برفقة الأصنام والآلهة الكاذبة التي كانوا يعبدونها من دون الله ،إلى مكان معيّن ،ومن ثمّ هدايتهم إلى صراط الجحيم .
واستمرارا لهذا الاستعراض يقول القرآن: ( وقفوهم إنّهم مسؤولون ){[3750]} .
نعم عليهم أن يتوقّفوا ويجيبوا على مختلف الأسئلة التي تطرح عليهم ،ولكن عمّاذا يسألون ؟
قال البعض: يسألون عن البدع التي اختلقوها .
وقال البعض الآخر: يسألون عن أعمالهم القبيحة وأخطائهم .
والبعض أضاف: إنّهم يسألون عن التوحيد وقول لا إله إلاّ الله .
وذهب آخرون: إنّهم يسألون عن النعم التي أُنعمت عليهم ،وعن شبابهم وصحّتهم وأعمارهم وأموالهم ونحوها ،وهناك رواية يذكرها الشيعة والسنّة في أنّهم يسألون عن ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ){[3751]} .
وبالطبع فإنّ هذه التفاسير لا يوجد أي تناقض بينها ،لأنّ في ذلك اليوم يتمّ السؤال عن كلّ شيء ،عن العقائد وعن التوحيد والولاية ،وعن الحديث والعمل ،وعن النعم والمواهب التي وضعها الله سبحانه وتعالى في اختيار الإنسان .
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه ،وهو: كيف يساق اُولئك أوّلا إلى صراط الجحيم ،ثمّ يؤمرون بالتوقّف لاستجوابهم ؟
ألا ينبغي تقديم عملية إيقافهم ومساءلتهم على سوقهم إلى صراط الجحيم ؟
هناك جوابان لهذا السؤال وهما:
أوّلا: كون اُولئك من أهل جهنّم أمر واضح للجميع ،وحتّى لأنفسهم ،واستجوابهم إنّما يتمّ لإعلامهم بمقدار وحجم الذنوب والجرائم التي اقترفوها ..
ثانياً: طرح هذه الأسئلة عليهم لا لمحاكمتهم ،وإنّما ذلك لتوبيخهم ومعاقبتهم نفسياً .
وبالطبع فإنّ كلّ ذلك في حالة كون الأسئلة متعلّقة بما أوردنا آنفاً ،أمّا إذا ارتبط الحديث بالآية التالية والتي تسألهم عن عدم نصرتهم بعضهم البعض ،فهنا لا تبقى أيّة مشكلة في تفسير الآية ،ولكن هذا التّفسير لا يتطابق مع ما جاء في عدّة روايات بهذا الشأن ،إلاّ إذا كان هذا السؤال جزء من أسئلة مختلفة .