ويضيف القرآن الكريم ( وجعلنا ذرّيته هم الباقين ) .
أحقّاً أنّ كلّ بني الإنسان الذين يعيشون اليوم على ظهر الكرة الأرضية هم من ذريّة نوح ؟الآية المذكورة أعلاه تصرّح بذلك ..
أم المقصود هو أنّ مجموعة كبيرة من الأنبياء والأولياء والصالحين هم من ذريته ،وليس كلّ الناس ؟بهذا الشأن لدينا بحث ،سنتطرّق إليه بعون الله .
ملاحظة
هل أنّ البشر الموجودين على الأرض هم من ذريّة نوح ؟
فسّرت مجموعة من كبار المفسّرين الآية ( وجعلنا ذرّيته هم الباقين ) بأنّ كلّ أجيال البشر التي أتت بعد نوح هي من ذريته .
وقد نقل الكثير من المؤرخّين بقاء ثلاثة أولاد من ذريّة نوح هم ( سام ) و ( حام ) و ( يافث ) بعد الطوفان ،وكلّ القوميات الموجودة اليوم على الكرة الأرضية تنتهي إليهم .
وقد أطلق على العرق العربي والفارسي والرومي العرق السامي ،فيما عرف العرق التركي ومجموعة أخرى بأنّهم من أولاد «يافث » ،أمّا «حام » فإنّ ذريّته تنتشر في السودان والسند والهند والنوبة والحبشة ،كما أنّ الأقباط والبربر هم من ذريّته أيضاً .
البحث في هذه المسألة ليس المراد منه معرفة إلى أي من أولاد نوح ينتسب كلّ عرق ،لأنّ المسألة بحدّ ذاتها هي مورد اختلاف بين الكثير من المؤرخين والمفسّرين ،ولكن المتوخّى من البحث هو: هل أنّ كلّ القوميات البشرية تعود في أصلها إلى أولاد نوح الثلاثة .
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه وهو: ماذا كان مصير المؤمنين الذين ركبوا السفينة مع نوح خلال الطوفان ؟وهل أنّهم جميعاً ماتوا من دون أن يتركوا أي خلف لهم وإن كان لهم ذريّة ،فهل كانوا بنات تزوجنّ من أولاد نوح ؟
هذه القضيّة من وجهة نظر التأريخ ما تزال غامضة .
على أيّة حال فإنّ هناك أحاديث وآيات قرآنية تشير إلى وجود أقوام واُمم على الكرة الأرضية لا ينتهي أصلها إلى أولاد نوح .
منها ما ورد في تفسير علي بن إبراهيم عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) في توضيح الآية المذكورة أعلاه: «الحقّ والنبوّة والكتاب والإيمان في عقبه ،وليس كلّ من في الأرض من بني آدم من ولد نوح ( عليه السلام ) قال الله عز وجل في كتابه: ( احمل فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول منهم ومن آمن وما آمن معه إلاّ قليل ) ،وقال الله عز وجل أيضاً: ( ذريّة من حملنا مع نوح ) »{[3777]} .
وعلى هذا فإنّ انتهاء كلّ العروق الموجودة على الأرض إلى ابناء نوح أمر غير ثابت .