وتستيقظ ضمائرهم في تلك اللحظة ويعترفون بخطئهم وذنوبهم و ( قالوا سبحان ربّنا إنّا كنّا ظالمين ) .
إنّ التعبير ب ( أوسطهم ) في الآية السابقة يمكن أن يكون بلحاظ حدّ الاعتدال في العقل والفكر والعلم وقيل: إنّه الوسط في السنّ والعمر .إلاّ أنّه مستبعد جدّاً ،وذلك لعدم وجود ارتباط بين العمر وهذه المقالة الوافية المعبّرة .والارتباط يكون عادةبمثل هذا الكلام بين العقل والفكر .
والتعبير ب ( لولا تسبّحون ) مأخوذ بلحاظ أنّ أصل وجذر كلّ الأعمال الصالحة هو الإيمان ومعرفة الله وتسبيحه وتنزيهه .
وقد فسّر البعض «التسبيح » هنا بمعنى ( شكر النعمة ) والتي من ملازماتها إعانة المحرومين ،وهذان التّفسيران لا يتنافيان مع بعضهما البعض ،وهما مجموعان في مفهوم الآية الكريمة .
لقد سبق تسبيحهم ( الاعتراف بالذنب ) ،ولعلّ هذا كان لرغبتهم في تنزيه الله تعالى عن كلّ ظلم بعيداً عمّا نزّل بجنّتهم من دمار وبلاء عظيم ،وكأنّ لسان حالهم يقول: ربّنا إنّنا كنّا نحن الظالمين لأنفسنا وللآخرين ،ولذا حقّ علينا مثل هذا العذاب ،وما أصابنا منك هو العدل والحكمة .
كما يلاحظ في قسم آخر من آيات القرآن الكريمأيضاًأنّ التسبيح قبل الإقرار بالظلم ،حيث نقرأ ذلك في قصّة يونس ( عليه السلام ) عندما أصبح في بطن الحوت ،وذلك قوله: ( لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين ){[5387]} .
والظلم بالنسبة لهذا النبي العظيم هو بمعنى ترك الأولى ،كما أوضحنا ذلك في تفسير هذه الآية .
إلاّ أنّ المسألة لم تنته إلى هذا الحدّ ،حيث يقول تعالى: ( فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ) .
/خ33