ثمّ تبيّن الآية التالية وصفاً آخر لهذه الرياح المدمّرة ،حيث يقول تعالى: ( سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيّام حسوماً ) .
«حسوماً » من مادّة ( حسم ) على وزن ( رسم ) بمعنى إزالة آثار شيء ما ،وقيل للسيف ( حسام ) على وزن ( غلام ) ،ويقال: ( حسم ) أحياناً لوضع الشيء الحارّ على الجرح للقضاء عليه من الأساس .
لقد حطّمت وأفنت هذه الريح المدمّرة في الليالي السبع والأيّام الثمانية جميع معالم حياة هؤلاء القوم ،والتي كانت تتميّز بالأبهة والجمال ،واستأصلتهم من الجذور{[5409]} .
ويصوّر لنا القرآن الكريم مآل هؤلاء المعاندين بقوله تعالى: ( فترى القوم فيها صرعى كأنّهم أعجاز نخل خاوية ) .
إنّه لتشبيه رائع يصوّر لنا ضخامة قامتهم التي اقتلعت من الجذور ،بالإضافة إلى خواء نفوسهم ،حيث أنّ العذاب الإلهي جعل الريح تتقاذف أجسادهم من جهة إلى أخرى .
«خاوية » من مادّة ( خواء ) على وزن ( حواء ) في الأصل بمعنى كون الشيء خالياً ،ويطلق هذا التعبير أيضاً على البطون الجائعة ،والنجوم الخالية من المطر ( كما في اعتقاد عرب الجاهلية ) ،وتطلق كذلك على الجوز الأجوف الفارغ من اللب .