قوله تعالى:{له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من والٍ}
قال البخاري: حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ،ثم يعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم فيقول كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهو يصلون وأتيناهم وهم يُصلون ".
( الصحيح البخاري 13/426 ح7429-ك التوحيد ،ب قول الله تعالى{تعرج الملائكة والروح إليه} ) ،وأخرجه مسلم في صحيحه ( 1/439-ك المساجد ،ب فضل صلاتي الصبح والعصر ح632 ) .
قال مسلم: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم ،قال إسحاق: أخبرنا .وقال عثمان: حدثنا جرير ،عن منصور ،عن سالم بن أبي الجعد ،عن أبيه ،عن عبد الله بن مسعود ،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد إلا وقد وكّل به قرينه من الجن "قالوا: وإياك ؟يا رسول الله !قال:"وإياي ،إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ،فلا يأمرني إلا بخير ".
وأخرجه بعده بمثله ،لكن فيه:"وقد وكل به قرينه من الجن ،وقرينه من الملائكة ".
( الصحيح4/2167-2168ح2814 وما بعده-ك صفات المنافقين ،ب تحريش الشيطان ...) .
قال الطبري: حدثنا أبو هاشم الرفاعي قال: حدثنا ابن يمان قال: حدثنا سفيان ،عن حبيب بن أبي ثابت ،عن سعيد بن جبير ،عن ابن عباس:{له معقبات من بين يديه ومن خلفه} ،قال: ذلك ملك من ملوك الدنيا ،له حرس من دونه حرس .
وصحح إسناده الحافظ ابن حجر ،انظر( الفتح: 8/372 ) .
ويريد بملوك أي الملائكة والدليل الرواية التالية .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{يحفظونه من أمر الله} ،يقول: بإذن الله ،فالمعقبات هي من أمر الله ،وهي الملائكة .
قال الحافظ بن حجر: وروى الطبري بإسناد حسن عن ابن عباس في قوله تعالى{له معقبات من بين يديه ومن خلفه} قال: الملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدره خلوا عنه .
( الفتح 8/372 ) .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى{إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من والٍ} بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أنه لا يغير ما بقوم من النعمة والعافية حتى يغيروا ما بأنفسهم من طاعة الله جل وعلا .والمعنى: أنه لا يسلب قوما نعمة أنعمها عليهم حتى يغيروا ما كانوا عليه من الطاعة والعمل الصالح ،وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله{ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} الآية .
وقوله{وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} .وقد بين في هذه الآية أيضا: أنه إذا أراد قوما بسوء فلا مرد له ،وبين ذلك في مواضع أخر كقوله:{ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين} ونحوها من الآيات .وقوله في هذه الآية الكريمة{حتى يغيروا ما بأنفسهم} يصدق بأن يكون التغيير من بعضهم كما وقع يوم أحد بتغيير الرماة ما بأنفسهم فعمت البلية الجميع ،وقد سئل صلى الله عليه وسلم:"أنهلك وفينا الصالحون ؟قال نعم: إذا كثر الخبث "أ . ه .
وهذا الحديث صحيح .