قوله تعالى:{ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون} ،
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى:{ويجعلون لله ما يكرهون} ،أبهم جل وعلا في هذه الآية الكريمة هذا الذي يجعلونه لله ويكرهونه ؛لأنه عبر عنه ب( ما )الموصولة ،وهي اسم مبهم ،وصلة الموصول لن تبين من وصف هذا المبهم ،إلا أنهم يكرهونه .ولكنه بين في مواضع أخر: أنه البنات ،والشركاء وجعل الماء الذي خلق لغيره ،قال في البنات:{ويجعلون لله البنات} ،ثم بين كراهيتهم لها في آيات كثيرة ،كقوله:{وإذا بشر أحدهم بالأنثى} الآية .وقال في الشركاء:{وجعلوا لله شركاء} الآية ،ونحوها من الآيات .وبين كراهيتهم للشركاء في رزقهم بقوله:{ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيهم سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون} ،أي: إذا كان الواحد منكم لا يرضى أن يكون عبده المملوك شريكا له مثل نفسه في جميع ما عنده ،فكيف تجعلون الأوثان شركاء لله في عبادته ،التي هي حقه على عباده !وبين جعلهم بعض ما خلق الله من الرزق للأوثان في قوله:{وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا} ،إلى قوله:{ساء ما يحكمون} ،وقوله:{ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم} ،كما تقدم .
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح ،عن مجاهد:{وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى} ،قال: قول قريش: لنا البنون ،ولله البنات .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة ،عن ابن عباس قوله:{لا جرم} ،يقول: بلى .
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح ،عن مجاهد:{وأنهم مفرطون} ،قال: منسيون في النار .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة:{وأنهم مفرطون} ،قال: قد أفرطوا في النار ،أي: معجلون .