قوله تعالى: ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا )قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع ، حدثني يحيى بن سليم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال:جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس ،مرجعه من العراق ليالي قتل على فقالت له: يا عبد الله بن شداد ،هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ؟قال: وما لي لا أصدقك؛قالت: فحدثني عن قصتهم ،قال: فإن عليا لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس ،فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة ،وإنهم عتبوا عليه فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى ،و اسم سماك الله تعالى به ،ثم انطلقت فحكمت في دين الله ،فلا حكم إلا لله تعالى ،فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه و فارقوه عليه ،فأمر مؤذنا فأذن ،ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل حمل القرآن ،فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم ،فوضعه بين يديه ،فجعل يصكه بيده ويقول: أيها المصحف؛حدث الناس؛فناداه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين ،ما تسأل عنه ؟إنما هو مداد في ورق؛ونحن نتكلم بما روينا منه؛فماذا تريد ؟قال: أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا ،بيني وبينهم كتاب الله ،يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل: ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل ...
( المسند ح 656 ) .وصحح أحمد شاكر إسناده ،و أخرجه الضياء ( المختارة 2/222-226 ح 605 ) من طريق ابن أبي عمر العدني ،عن يحيى بن سليم به .وقال ابن كثير: إسناده صحيح ( البداية و النهاية 7/279-280 ) وصحح إسناده محقق الضياء .وقال المنذري: رواه أحمد بإسناد جيد( الترغيب 3/64 ) وقال الهيثمي: رجاله ثقات ( مجمع الزوائد 3/119 ) وحسنه السيوطي وصححه المناوي ( فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/423ح 1824 ) و صححه الألباني ( صحيح الجامع رقم 5535 ) .
انظر تفسير سورة البقرة الآية ( 137 ) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فهذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما ،فأمر الله سبحانه أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ،ومثله من أهل المرأة ،فينظران أيهما المسيء ،فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته و قصروه على النفقة ،و إن كانت المرأة هي المسيئة ،فقصروها على زوجها ومنعوها النفقة ،فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا ،فأمرهما جائز ،فإن رأيا أن يجمعا ،فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ،ثم مات أحدهما ،فإن الذي رضي يرث الذي كره ،ولا يرث الكاره الراضي و ذلك قوله تعالى ( إن يريدا إصلاحا ) قال: هما الحكمان ( يوفق الله بينهما ) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قوله ( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) وذلك الحكمان ،وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق و الصواب .