قوله تعالى: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير )
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار ) .أشار في مواضع أخر: إلى أن نفي الإدراك المذكور ما لا يقتضي نفي مطلق الرؤية كقوله ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناضرة ) ،وقوله ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) و الحسنى الجنة ،والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم ،وقوله ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) يفهم منه أن المؤمنين ليسوا محجوبين عنه وهو كذلك .
قال البخاري: حدثنا يحيى ،حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه ،هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ؟فقالت: لقد قف شعري مما قلت ،أين أنت من ثلاثة من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب ،ثم قرأت ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) .( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ) ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ،ثم قرأت ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ) ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ،ثم قرأت ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) الآية .ولكن رأى جبريل عليه السلام في صورته مرتين".
( الصحيح 8/472ح4855- ك التفسير ،ب ا من سورة النجم ) .
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب ،حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن داود ، عن الشعبي ،عن مسروق؛قال: كنت متكئا عند عائشة .فقالت: يا أبا عائشة !ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية .قلت ما هن ؟قالت: من زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية .قال و كنت متكئا فجلست .فقلت: يا أم المؤمنين!أنظريني ولا تعجليني .ألم يقل الله عز وجل: ( ولقد رآه بالأفق المبين ) – التكوير/ الآية 23 ( ولقد رآه نزلة أخرى ) - النجم /الآية 13- فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إنما هو جبريل .لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين .رأيته منهبطا من السماء .سادا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض"فقالت أو لم تسمع أن الله يقول: ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) الأنعام –الآية103 ، أولم تسمع أن الله يقول: ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ) الشورى-الآية 19 ،قالت: ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية .والله يقول: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) المائدة /الآية 67 ، قالت ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية .والله يقول: ( قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ) النمل /الآية 59 .
انظر حديث مسلم المتقدم عند الآية ( 255 ) من سورة البقرة .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) وهو أعظم من أن تدركه الأبصار .
أخرج الطبري بسنده الجيد عن أبي العالية قوله ( اللطيف الخبير ) قال: ( اللطيف ) باستخراجها ( الخبير ) بمكانها .