قوله:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} اختلف أهل التأويل في تأويل الإدراك والأبصار .فقيل الإدراك هنا بمعنى الرؤية وهي عند المعتزلة مستحيلة قال الزمخشري في هذا الصدد: والمعنى أن الأبصار لا تتعلق به ولا تدركه ،لأنه متعال أن يكون مبصرا في ذاته لأن الأبصار إنما تتعلق بما كان في جهة أصلا أو تابعا كالأجسام والهيئات .وهو يدرك الأبصار .وهو للطف إدراكه للمدركات يدرك تلك الجواهر اللطيفة التي لا يدركها مدرك .
أما أهل السنة فقد جوزوا حصول الرؤية يوم القيامة لقوله تعالى:{وجوه يومئذ ناضرة ( 22 ) إلى ربها ناظرة} .
وقيل: الإدراك معناه الإحاطة بالحقيقة .أو هو الوقوف على كنه الأشياء .فالله تعالى لا تحيط بحقيقته الأبصار وهو يحيط بحقيقتها .وقيل: الإدراك معناه الإحاطة .وإدراك الشيء معناه الإحاطة به .والأبصار جمع بصر ويعني الحاسة .وقيل غير ذلك .وجملة القول أن الله في ذاته وحقيقة كماله لا تحيط به أبصار الخلق على الخلاف في معنى الأبصار سواء في ذلك الرؤية أو غيرها من حواس الإنسان .
لكن الله جل وعلا محيط بالأبصار ،ومطلع على سائر الأخبار والأسرار ،عالم بظواهر الكائنات وأكناهها .
قوله:{وهو اللطيف الخبير} اللطيف من اللطف وهو الرحمة والرفق .أي أن الله رفيق بعباده رحيم بهم .والخبير: العالم الذي يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار{[1237]} .