قوله تعالى:{وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين}
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة ،أنه إذا أنزل سورة فيها الأمر بالإيمان ،والجهاد مع نبيه صلى الله عليه وسلم ،استأذن الأغنياء من المنافقين في التخلف عن الجهاد مع القدرة عليه ،وطلبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتركهم مع القاعدين ،المتخلفين عن الغزو .وبين موضع آخر أن هذا ليس من صفات المؤمنين ،وأنه من صفات الشاكين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ،وذلك في قوله{لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون} .وبين أن السبيل عليهم بذلك ،وأنهم مطبوع على قلوبهم بقوله{إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم} الآية .وبين في موضع آخر شدة جزعهم من الخروج إلى الجهاد كقوله{فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} الآية .وقوله{فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد} إلى غير ذلك من الآيات .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله:{استأذنك أولوا الطول} يعني: أهل الغني .