قوله تعالى:{وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ ءَامِنُواْ بِاللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ الْقَاعِدِينَ} .
ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة ،أنه إذا أنزل سورة فيها الأمر بالإيمان ،والجهاد مع نبيه صلى الله عليه وسلم ،أستأذن الأغنياء من المنافقين في التخلف عن الجهاد مع القدرة عليه ،وطلبوا النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يتركهم مع القاعدين المتخلفين عن الغزو .
وبين في موضع آخر أن هذا ليس من صفات المؤمنين ،وأنه من صفات الشاكين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ،وذلك في قوله:{لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأخر أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأخر وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ في رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [ التوبة: 44-45] ،وبين أن السبيل عليهم بذلك ،وأنهم مطبوع على قلوبهم ؛بقوله:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [ التوبة: 93] الآية: وبين في مواضع أخر شدة جزعهم من الخروج إلى الجهاد ،كقوله:{فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِي عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [ محمد: 20] الآية ،وقوله:{فَإِذَا جَآءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [ الأحزاب: 19] إلى غير ذلك من الآيات .