قوله تعالى:{قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السموات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون 68 قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون 69 متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعكم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون} .
قال المشركون: اتخذ الله ولدا .وذلك زعمهم أن الملائكة بنات الله .ثم نزه الله نفسه عما قالوه من الكذب والافتراء فقال عن نفسه:{سبحانه} أي تنزه عن الشرك والشركاء والأنداد{هو الغني} الله مستغن عن خلقه جميعا ؛فليس له حاجة إلى ولد أو نديد أو معين ؛فهو القوي وهم الضعفاء ،وهو الغني وهم المحاويج والفقراء ،وهو الباقي وهم الداثرون .ودليل غناه سبحانه أنه يملك ما في السموات وما في الأرض من ملائكة وجن وأناسي وخلائق ،قوله:{إن عندكم من سلطان بهذا} أي ليس عندكم برهان على ما تدعون وتتقولون غلا التخريص والافتراء .
قوله:{أتقولون على الله ما لا تعلمون} والاستفهام للإنكار والتوبيخ .وفيه من الوعيد الشديد ما يتهدد هؤلاء الظالمين الفجرة بأفظع العذاب .والمعنى: أتفترون على الله شيئا لا تعلمون حقيقته وصحته وتضيفون إليه ما لا يليق أن يضاف إلى جلاله .
على أن هذه الآية تستوقف النظر والتفكير ،لعجيب نظمها ،وروعة انسجامها ،وشدة التحامها ،وتماسك عبارتها المتعددة المختلفة .مع أنها تتكون من عدة جمل ما بين اسمية وفعلية يضمها إطار الآية الواحدة .وما كان في مقدور بشر أن يصنع مثل هذا .ولئن تكلف أحد أن يصطنع عدة جمل مختلفة متنوعة في إطار آية واحدة لجاء كلامه غاية في التصنيع المستهجن والتكلف الثقيل .لكن هذه الجمل الأربع أو الخمس في ترابطها وائتلافها واتساقها في إطار هذه الآية ،تزجي بالحجة الساطعة على أن القرآن معجز ،وأنه كلام الله .