التّفسير
تستمر هذه الآياتأيضاًفي بحثها مع المشركين ،وتذكر واحدة من أكاذيب واتهامات هؤلاء لساحة الله المقدسة ،فتقول أوّلا: ( قالوا اتّخذ الله ولداً ) .
إِنّ هذا الكلام قاله المسيحيون في حق المسيح( عليه السلام ) ،ثمّ عبدة الأوثان في عصر الجاهلية في حق الملائكة ،حيث كانوا يظنون أنّها بنات الله ،وقاله اليهود في شأن عزير .ويجيبهم القرآن بطريقين:
الأوّل: إِنّ الله سبحانه منزّه عن كل عيب ونقص ،وهو مستغن عن كل شيء: ( سبحانه هو الغني ) وهذا إِشارة إِلى أنّ الحاجة إِلى الولد ،إمّا للحاجة الجسمية إِلى قوته ومساعدته ،أو للحاجة الروحية والعاطفية ،ولما كان الله سبحانه منزّه عن كل عيب ونقص وحاجة ،فلا يمكن أن يتخذ لنفسه ولداً .
( له ما في السماوات وما في الأرض ) ومع هذا الحال فأي معنى لأن يتخذ لنفسه ولداً ليطمئنه ويهدئه ،أو يعينه ويساعده .
ممّا يلفت النظر أنّ الآية عبّرت هنا ب ( اتخذ ) وهذا يوحي أنّ هؤلاء كانوا يعتقدون أنّ الله تعالى لم يلد ذلك الولد ،بل يقولون: إِنّ الله قد اختار بعض الموجودات كولد له ،تماماً مثل أُولئك الذين لا يولد لهم ولد ،ويتبنون طفلا من دور الحضانة وأمثالها .
على كل حال ،فإِنّ هؤلاء الجاهلين وقصيري النظر وقعوا في اشتباه المقارنة بين الخالق والمخلوق ،وكانوا يقيسون ذات الله الصمدية على وجودهم المحدود المحتاج .
والجواب الثّاني الذي يذكره القرآن لهؤلاء هو: إِنّ من يدعي شيئاً يجب عليه أن يقيم دليلا على مدعاه: ( إِن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون )أي إِنّكم على فرض عدم قبولكم للدليل الأوّل الواضح ،فإِنّكم لا تستطيعون أن تنكروا هذه الحقيقة ،وهي أن ادعاءَكم وقولكم تهمة وقول بغير علم .
/خ70