قوله تعالى:{من كان يريد الحياة الدنيا وزنتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون 15 أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}{من كان} ،جملة شرط في محل جزم وجوابه{نوف إليهم} واختلف المفسرون في تأويل هذه الآية .
فقد قيل: نزلت في الكافرين ؛فهم لا ينوون بأعمالهم إلا الدنيا وزينتها ،وقيل: نزلت في المنافقين وأهل الرياء ،وقيل غير ذلك .والصواب أن هذه الآية عامة في كل ما يبتغي بعمله غير الله ،سواء كان كافرا أو منافقا أو مرائيا ؛فأيما امرئ قصد بعمله غير الله فلا يجزي مقابله الثواب في الآخرة .وإنما يجزي في الدنيا حظه من زينة الحياة وطيب العيش فيها وحسن الصحة وجزيل الثناء من الناس ،لكنه في الآخرة محروم خاسر ،وذلك كالشرك الذي يصل الأرحام ويعطي السائلين ويرحم المضطرين والمكروبين ويغيث الملهوفين والمحتاجين وغير ذلك من صالح الأعمال ،فإن الله يعجل له ثواب عمله في الدنيا ؛إذ يوسع عليه في الرزق ،ويقر عينه بما أعطاه ،ويدفع عنه من المكاره ما يعدل ما بذله من خير ومعروف ،وهو في الآخرة ما له من نصيب .وكذلك المنافقون والمراؤون الذين لا يبتغون بأعمالهم إلا الدنيا وزينتها وزخرفها وحسن الثناء فيها والإطراء ؛فإنهم يعطون من زينة الدنيا ما يتمتعون به وينعمون .{وهم فيها لا يبخسون} أي لا ينقصون من نعيمها ومتاعها شيئا .