قوله:{يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا} ذلك إنباء من الله عن قيل هود لقومه عاد وقد كانوا يقيمون بين الشام واليمن وكانوا أهل عمارة وبساتين وزروع ،قال لهم نبيهم هود:{استغفروا ربكم} آمنوا به دون غيره من المخاليق المفتراة ،واخلعوا الأوثان من قلوبكم وأحلامكم ،وتبرؤوا منها كامل التبرؤ{ثم توبوا إليه} أي توبوا إلى الله من ذنوبكم ومعاصيكم وشرككم{يرسل السماء عليكم مدرارا}{مدرارا} ،منصوب على الحال من السماء{[2108]} ،والمدرار ،كثير الدار أو الدرور ،وهو الصب أو السيلان .وعين مدرارة ؛أي كثيرة الدمع .والمراد بالمدرار هنا: كثير السح{[2109]} ؛أي يرسل عليكم المطر دالحا غزيرا ،يتبع بعضه بعضا ؛فيعم فيكم الخير والنماء والخصب{ويزيدكم قوة إلى وقوتكم} أي يزيدكم شدة مضافة إلى شدتكم .أو يزيدكم الله عزا إلى عزكم ،أو قوة في المال والنسل .
قوله:{ولا تتولوا مجرمين} أي لا تولوا مدبرين عما أدعوكم غليه من توحيد الله والتطهير كاملا من رجس الوثنية والأصنام .
وقوله:{مجرمين} من الإجرام ،وهو اكتساب الآثام والذنوب ،ومنه الجريمة وهي الجناية وجمعها جرائم{[2110]} ؛أي لا تعرضوا عن دعوة الله مصرين على إجرامكم وذنوبكم{[2111]} .