{ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين 52} .
{ استغفروا ربكم} أي اطلبوا الغفران ، لأن تعبدوه وحده ولا تشركوا بع شيئا وعبر ب "ربكم"إلى ما يبعثهم على عبادته ، وهو أنه الذي خلقهم وربهم ودبر أمورهم بحكمته وإرادته .
ويبين سبحانه ما يترتب على الاستغفار ، وهو ذاته مما يوجب العبادة فقال تعالى:{ يرسل السماء عليكم مدرارا} ، المراد المطر ، وعبر عنه بمكان نزوله من قبيل( إطلاق المحل وإرادة الحال ) ، ومدرارا أي كثيرا ، ينبت به زرعكم ويكون قوام حياتكم ، وفي ذلك الخير فائدتان:
الفائدة الأولى:أن القرب إلى الله وعبادته الخالصة يبسط الله بهما الرزق ، كما قال تعالى:{ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون96}( الأعراف ) .
الفائدة الثانية:تذكيرهم بنعم الله تعالى عليهم وهي توجب أن يؤمنوا بدل أن يشركوا ويقول سبحانه على لسان نبيه هود{ ويزدكم قوة إلى قوتكم} أي يزيدكم قوة مضمومة إلى قوتكم ، فشكر النعمة يزيدها{ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد7}( إبراهيم ) ، فالقوة نعمة فاشكروها تزدادوا قوة إلى قوتكم . وينهاهم عن الفساد والإجرام بهذه القوة التي إن لم تشكر كانت سببا للإجرام ، ولذا قال لهم نبي الله{ ولا تتولوا مجرمين} أي لا تتولوا حال كونكم بهذه القوة فتكونوا قوما مجرمين .
وقد أجابوا هذه الدعوة الرشيدة الحبيبة ، الرقيقة القوية العميقة بالرفض القاطع فاطلبوا بعد الرفض بالبينة ، أي الدليل الملزم ، وكان هذا غريبا بعد الرفض كالقاضي الذي يرفض الدعوى ثم يطالب بالدليل .