قوله:{وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} أي مكذوب مفترى ،أو وصف الدم بالمصدر على سبيل المبالغة كأن هذا الدم نفس الكذب كما يقال للكذاب: هو الكذب بعينه ،والزور بذاته ؛فقد كذبوا على أبيهم يعقوب بعد أن تمالأوا على أخيهم يوسف ،فأرادوا به كيدا فكانوا هم المكيدين بافتضاح أمرهم وهتك نواياهم الشريرة ؛لقد كذبوا على أبيهم ؛إذ جاءوه بدم سخلة لطخوا به قميص يوسف ثم زعموا أن هذا هو دمه .
قال:{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا}{بل} ،حرف إضراب .{سولت} أي زينت{[2214]} ،فقد قال لهم يعقوب مكذبا زعمهم وافتراءهم: ليس الأمر كما تقولون بل زينت لكم أنفسكم أمرا في يوسف وحسنته لكم تحسينا مريبا ففعلتموه{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} صبر ،مرفوع على انه مبتدأ ،وخبره محذوف وتقديره: فصبر جميل خبر من غيره .وغنما جاز الابتداء بالمنكر لكونه موصوفا .وقيل: مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ،وتقديره: فصبري صبر جميل{[2215]} .
والمعنى: أنني سأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي اتفقتم عليه بتمالؤكم على يوسف حتى يكشف الله عني هذا البلاء بلطفه وفضله ورحمته{وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي أستعين بالله على ما اتفقتم عليه من الشر والمكر ،أو ما جئتموني به من كذب{[2216]} .