قوله تعالى:{وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ 19 وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} السيارة يراد بها رفقة مارة من المسافرين يسيرون من الشام إلى مصر ،فأخطأوا الطريق حتى نزلوا قريبا من الجب ،وكان في قفرة بعيدة من العمران{فأرسلوا واردهم} والوارد الذي يرد الماء يستسقي للقوم{فأدلى دلوه} أي أرسل دلوه ليملأها الماء فتعلق يوسف بالحبل فما خرج الحبل إذا غلام في غاية الحسن والبهاء ،فلما رآه صاحب الدلو صاح{يا بشرى هذا غلام} وذلك تبشير من المدلي دلوه ؛إذ بشر أصاحبه أنه أصاب عبدا .فهم بذلك قد تباشروا به حين أخرجوه من البئر .وقيل: كانت البئر في أرض ببيت المقدس .
قوله:{وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} المراد بواو الجماعة ،الوارد وأصحابه .وقيل: إخوة يوسف .وقيل: التجار الذين اشتروه .و{بضاعة} ،منصوب على الحال من يوسف ،ومعناه مبضوعا{[2217]} .والمعنى: أن الواردين من بقية السيارة قد أروه ليخفوه عنهم وقالوا: اشتريناه وتبضعنا به من أصحاب الماء مخافة أن يشاركوهم فيه إذا عملوا خبره .{وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} الله عليم بما يعلمه إخوة يوسف بأبيهم وأخيهم من سوء الصنع .وذلك وعيد من الله لمن تسبب فيما وقع فيه يوسف من وجوه البلاء والمحنة ،وما صار إليه من قسوة الاسترقاق ليكون بذلك موضع مساومة للبيع والشراء .