/م15
{ وجاءوا على قميصه بدم كذب} المراد من هذه الجملة الفذة في بلاغتها أنهم جاؤوا بقميصه ملطخا ظاهره بدم غير دم يوسف يدعون أنه دمه ليشهد لهم بصدقهم فكان دليلا على كذبهم ، فنكر الدم ووصفه باسم الكذب مبالغة في ظهور كذبهم في دعوى أنه دمه حتى كأنه هو الكذب بعينه ، فالعرب تضع المصدر موضع الصفة للمبالغة كما يقولون شاهد عدل ، ومنه فهن به جود وأنتم به بخل .وقال"على قميصه "ليصور للقارئ والسامع أنه موضوع على ظاهره وضعا متكلفا ولو كان من أثر افتراس الذئب له لكان القميص ممزقا والدم متغلغلا في كل قطعة منه ، ولهذا كله لم يصدقهم .
{ قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا} هذا إضراب عن تكذيب صريح تقديره:إن الذئب لم يأكله بل سهلت لكم الأمارة بالسوء أمرا إمرا ، وكيدا نكرا ، وزينته في قلوبكم فطوعته لكم حتى اقترفتموه ، أي هذا أمركم وأما أمري معكم ومع ربي{ فصبر جميل} أو فصبري صبر جميل لا يشوه جماله جزع اليائسين من روح الله ، القانطين من رحمة الله ، ولا الشكوى إلى غير الله{ والله المستعان على ما تصفون} من هذه المصيبة لا أستعين على احتمالها غيره أحدا منكم ولا من غيركم .
/خ18