المفردات:
سولت لكم أنفسكم أمرا: أي: سهلة وزينته لكم حتى ارتكبتموه .
التفسير:
18{وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا} .
أي: جاء إخوة يوسف إلى أبيهم بأدلة ملفقة ؛فحينما رجعوا إليه آخر اليوم في وقت العشاء ،جاءوا بقميصه ملطخا بدم مكذوب مفترى ،أخذوه من دم سخلة ذبحوها ،ولطخوا ثوب يوسف بدمها !
قال الآلوسي:"أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ: عن قتادة: أن إخوة يوسف بعد أن ألقوا به في الجب ،أخذوا ظبيا فذبحوه ،ولطخوا بدمه قميصه ،ولما جاءوا به إلى أبيهم ،جعل يقلبه ويقول: تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا الذئب !!أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه ".
وقال القرطبي:"استدل الفقهاء بهذه الآية في إعمال الأمارات في مسائل الفقه كالقسامة وغيرها ،وأجمعوا على أن يعقوب عليه السلام قد استدل على كذب أبنائه بصحة القميص ،وهكذا يجب على الحاكم أن يلحظ الأمارات والعلامات ...".
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} .
أي: ليس الأمر كما زعمتم من أكل الذئب له ،بل زينت لكم أنفسكم الكارهة ليوسف أمرا منكرا فظيعا لا يعلمه إلا الله ،ولا أملك في هذه الساعة إلا الصبر الجميل .
{وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} .
أي: أستعين بالله وألجأ إليه ؛فهو ولي الصابرين ،وغوث المتغيثين ،أستعين به على غياب يوسف ،وعلى احتمال ما تقولون في شأن يوسف كذبا ،أستعين بالله حتى يفرّج الكرب بعونه ولطفه .
يروى: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصبر الجميل فقال:"هو الذي لا شكوى معه ".
والصبر نصف الإيمان ،وهو الملجأ والملاذ ،والاعتصام بالصبر والاستعانة بالله في المحنة والشدة ؛مؤمن بالفرج بعد الكرب ،وباليسر بعد العسر ،ومن وجد الله ؛وجد كل شيء ،ومن فقد الله ؛فقد كل شيء .قال تعالى:{فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} .( الشرح: 5 ،6 ) .