قوله:{قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}{نستبق} ، أي نتسابق في الرمي ،أو على الفرس .أو في الجري على الأقدام .والمسابقة خصلة جيدة ومشروعة ،وهي جائزة بالسنة والإجماع ؛فقد سابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فسبقته .فلما حملت اللحم سابقته فسبقها فقال: ( هذه بتلك ) وهو ما رواه .أو داود وكذلك أجمع المسلمون على جواز المسابقة في الجملة .
والمسابقة تكون بالنصل والحافر والخف وغير ذلك من أنواع الحافلات كالسفن ونحوها .والمراد بالنصل هنا السهم ذو النصل ،وبالحافر الفرس ،وبالخف البعير .
والمسابقة على ضربين: مسابقة بغير عوض ،وأخرى بعوض .أما التي بغير عوض: فهي جائزة مطلقا من غير تقييد بشيء معين كالمسابقة على الأقدام والخيل والسفن وغير ذلك من الحافلات النارية الحديثة على اختلاف أنواعها ؛فقد سابق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فسبقته ثم سبقها في الثانية .
أما المسابقة بعوض في هذه الأنصاف الثلاثة فلت تجوز ؛وهو قول المالكية وأحدا القولين للشافعية .أما الحنفية: فتجوز عندهم المسابقة بعوض إن كانت على الأقدام أو مصارعة ؛لورود الأثر بهما ؛فقد سابق النبي عائشة وصارع ركانة .
وهو القول الثاني للشافعية ،وجملته: جواز المسابقة بعوض بكل ما له نصل ،وفي السيف والرمح والدواب وجهان .
وإذا كانت المسابقة بين اثنين أو فريقين ،فإن كان العوض من غيرهما ؛جاز سواء كان ذلك من الحاكم يؤديه من بيت المال ،أو كان من غير الإمام ؛وهو قول الحنفية والشافعية والحنبلية .وقالت المالكية: لا يجوز بذل العوض من غير الإمام .
على أن السبق بالفتح معناه في اللغة: الخطر الذي يوضع بين أهل السباق{[2212]} .وهو في الشرع: الجعل الذي يسابق عليه .ويسمى الخطر والندب والقرع والرهن .وجمعه أسباق .وهي ثلاثة أضرب:
أولها: سبق يعطيه الوالي أو الرجل غير الوالي من ماله متطوعا فيجعله لمن سابق .فمن سبق أخذه ،فهو جائز .
والثاني: سبق يخرجه أحد المتسابقين دون صاحبه فغن سبقه صاحبه أخذه ،وإن سبق هو صاحبه أخذه ؛فهو كذلك جائز .
والثالث: أن يخرج كل منهما شيئا مثل ما يخرجه صاحبه ،فأيما سبق أخذ سبقه وسبق صاحبه ؛فإنه لا يجوز وكان قمارا{[2213]} .وتفصيل هذه المسألة في مظانها من كتب الفقه .
قوله:{وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب} أي تركناه يحرس ثيابنا وأمتعتنا فأكله الذئب .وهذا الذي كان يتوجس منه يعقوب خفية والذي جزع منه وحذرهم منه عندما أرادوا أن يأخذوه .
قوله:{وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} يعني أنك لا تصدقنا فيما نقول وإن كنا صادقين وغير مهتمين ،وذلك لسوء ظنك بنا واتهامك إيانا .