قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 3 وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}{مَدَّ الأَرْضَ} ،أي بسطها طولا وعرضا وجعلها مديدة رحيبة الإرساء ،الثبوت .ورسا ،أي ثبت{[2310]} ،فقد جعل الله في الأرض الرواسي ؛أي أثبت فيها الجبال الشامخات الرواسخ كالأوتاد فلا تميد أو تضطرب ،وجعل فيها الأنهار العذاب التي تنساب في الأرض انسيابا رفيقا مقدورا لينتفع بها الخلق .
قوله:{وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي جعل الله في الأرض زوجين اثنين من كل نوع الثمرات .والمراد بالزوج هنا الصنف .والمعنى: أنه الله جعل من كل نوع من أنواع الثمرات في هذه الدنيا صنفين مختلفين ؛ففي كل نوع منها حلو وحامض ،أو أبي وأسود ،أو صغير وكبير ،أو رطب ويابس .ونحو ذلك . قوله:{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}{يغشي} ،من الغشاء وهو الغطاء{[2311]} ؛أي يجلل الله الليل النهار فيلبسه بظلامه ،ويجلل النهار الليل فينيره بضيائه .
قوله:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الإشارة إلى ما سبق بيانه ووصفه من عجائب خلق الله وأثر قدرته في الكائنات ؛فإن في ذلك كله{لآيات} أي دلالات ظاهرة ،وبينات بالغة تكشف عن عظمة الله وقدرته على الخلق والصنع والتكوين{لقوم يتفكرون} أي يتدبرون فيتعظون ويوقنون أن ذلك من صنع الله العليم الحكيم .