قوله تعالى:{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} الكاف في اسم الإشارة صفة لمصدر محذوف .والتقدير: مثل ذلك الإرسال أرسلناك .والمعنى: أنه مثل ذلك الإرسال إلى الأمم السابقة أرسلناك يا محمد إلى هذه الأمة{لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أي لتقرأ الكتاب الذي نزلناه عليك .وبذلك فإن علة الإرسال هي إبلاغهم دين الله ودعوتهم لتوحيده سبحانه والإقرار له بالألوهية{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} الجملة حالية ؛أي أرسلناك إلى هؤلاء وحالهم أنهم يكفرون بالرحمن ؛فقد روي أن المشركين لما رأوا كتاب صلح الحديبية وقد كتب فيه{بسم الله الرحمات الرحيم} أنفوا وقالوا: ما ندري ما الرحمن الرحيم .فقد كانوا يكفرون باسم الرحمن ولا يقرون به ولا يعترفون بوصف الله بالرحمن الرحيم .
قوله:{قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي هذا الذي تجحدونه وتكذبون أنه رحمن ،فإني مؤمن به ،ومقر له كامل الإقرار بالألوهية ؛فإنه ربي وليس من إله غيره{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} فوضت إليه أمري ،واعتمدت عليه كامل الاعتماد في شأني كله .{وَإِلَيْهِ مَتَابِ} أي إليه المرجع والإنابة .